رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين الفرنسيين أنطوان منسّى يتحدّث عن قدرة المغتربين على الانقاذ.. ويقول: "الأزمة أزمة ثقة"

خاص | باميلا فاخوري | Wednesday, February 24, 2021 12:42:00 PM

عملية إنقاذ الوطن  اليوم تتطلّب جهودًا مضاعفة من اللبنانيين في الخارج والداخل، والعيون شاخصةٌ على من هم نافذون في الخارج من بين المغتربين لأنّهم أكثر حرّيّة بالتّصرف وخصوصًا ماليًّا وسياسيًّا، ولديهم حضور فاعل في دول القرار . ومن بين المغتربين اللبنانيين من هم نافذون في الخارج ويمتلكون خبرةً في سبل الإنقاذ، ومن بين هؤلاء، أنطوان منسى نائب الرئيس الأسبق للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ، والذي كان يشغل منصب رئيس المجلس الإقتصادي العالمي في الجامعة ، وهو رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين الفرنسيين HALFA، وكان في بداية السبعينات رائداً في العمل المصرفي ، وقد شغل منصب مدير عام لبنوك لبنانية وعربية في باريس ولندن .

المشهد السياسي اللبناني... مصارعة محتدمة بين السياسيين

في هذا الإطار يرى منسّى أنّ هناك خلاصًا للبنان على الرغم من الصورة القاتمة الغالبة على المشهد اللبناني، معتبرًا أنّ أحد أوجه خلاص اللبنانيين يتمثّل بقبول الدولة اللبنانية مساهمة EDF او Siemens على سبيل المثال ببناء معمل كهرباء في لبنان، على قاعدة BOT لآجال متوسطة وطويلة الأمد ، كذلك تفعيل الهيئة الناظمة للخصخصة على قاعدة .P. P. P. وهذا على حدّ رأيه سيوفّر الكثير من التكاليف.

وأشار منسّى إلى أنه "عندما يجمع المسؤولون على الولاء للوطن يتغير مصير الوطن". ووصف المشهد السياسي اللبناني:" أنه يشبه مشهد مصارعة بين فرقاء عدّة يتضاربون إلى حين أن يسقطوا أرضًا. ونحن مؤمنون أنّ هؤلاء السياسيين سيسقطون أرضًا عاجلًا أو آجلاً" . وقال: "سمعت من مسؤولين أجانب كبار ووزراء قالوا :" لا يهمّنا أمر لبنان، وما يحصل في الوقت الحاضر . كلّ ما نقوم به هو التّفرّج على السياسيين اللبنانيين يتصارعون في الحلبة السياسية إلى أن يسقطوا أرضًاً " ".

هذا وأضاف :"وهم لن يساعدوننا أبدًا. فوزير الخارجية الفرنسي أبلغنا شخصيًّا، وذلك برسالة موثّقة كنا قد أعلنّا عنها في وسائل الإعلام اللبنانية في شهر كانون الثاني الفائت ، وما نصّت عليه : أنّ لفرنسا نيّة صادقة لمساعدة لبنان إنسانيًّا وعلى صعيد الصّحة والتعليم والشؤون الإجتماعية فقط لا أكثر . والفرنسيون لن يرسلوا أحدًا من المسؤولين أو أيّ مبعوث إلى لبنان، إن بقينا بالذهنية ذاتها في التعاطي بالشأن الوطني ، ودون القيام بأية خطوات إصلاحية بدأً بتأليف حكومة المهمّة (Gouvernement de Mission )، والتي يجب أن تضمّ مستقلّين واختصاصيين .

 

الليرة ستبقى على حالها... والبلد لا يعيش على تكهّنات

واعتبر منسّى أنه مخطئ من يظنّ أنّ العملة  الوطنية ستبقى على حالها، فالدولار مسألة عرض وطلب، وعندما تتشكّل حكومة سينخفض سعر صرف الدولار مقارنةً بالليرة اللبنانية، على حد قوله. أما الحكومة فهي قابلة لتتشكّل في أي وقت، يضيف منسى. ويتابع: " لا أحد يعلم ماذا يحصل في لبنان أو ما الذي يتغير بين ليلة وضحاها " ، مشدّدًا على أنّ البلد لا يعيش على تكهنات.

وعن رأي المغتربين اللبنانيين باحتجاز المصارف لودائعهم، يقول: "المغتربون مستعدّون للانتظار وهم مؤمنون بلبنان لانهم متيقّنون من أنّ لبنان مرّ بما هو أصعب في خلال الحرب التي مرّت عليه ، وحدث كما يحصل اليوم لأموال الناس وتمكّنوا من استرجاعها . ويهمّ اليوم المغتربين أن يستعيدوا أموالهم كاملة .ما لم يفهمه المغتربون أنّ مصرف لبنان اقترح مشروعًا للـ “ capital control " للتحويلات للخارج ، بعد الحراك الشعبي العارم في ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩. فلماذا لم يؤخذ به ..؟؟ ولماذا لم توافق عليه الحكومة تاركةً الأمور على حالها ...؟؟؟ وهنا تطرح علامات استفهامٍ كثيرة". وأضاف: "فلو قبلت الحكومة بالمشروع ما كان ليحصل تهريب أموال بهذا الشكل. البنك المركزي اللبناني أكثر البنوك حرّيةً في التّصرّف بين دول العالم ".

على خطٍّ موازٍ، أفاد منسّى أنّ الحكومة اللبنانية تراجعت عن تواقيعها ، ولم توافق على دفع  سند الـ euro bonds في تاريخ الإستحقاق ، من دون اللجوء الى التفاوض مع المدينين، ما أفقدنا مصداقية لبنان أمام المجتمع الدولي، ولو دفع كان سيظهر مصداقيّةً أكثر، ما يعزّز الثقة في المؤسسات المالية اللبنانية .

و تابع: " هذا ما لم نحبّذه ، إذ لم يحصل من قبل ، ان يتنكّر لبنان لإلتزاماته منذ الإستقلال. وعدم دفع السند كلّفنا حتى اليوم أكثر بكثير ، ما يوازي حوالي 8 مليار دولار أميركي تطبيقاً لسياسة الدعم التي إنتهجتها الحكومة، بدل من مليار و200 مليون دولار أميركي ... فليفرح المسؤولون في الحكم ! وهم لا يدرون حجم النزف المالي الذي ترتّب نتيجة قرار عدم دفع المستحقات في تاريخها".

واعتبر منسّى أنه مؤمن بسياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لانه كان ممسكًا بمالية الدولة لثلاثة عقود خلت، وقد شكّل رصيداً كبيراً من ثقة البيوتات والمؤسسات المالية في العالم ، وكان صمّام الأمان المالي في أحلك ظروف الفراغ الدستوري الذي تكرّر مرات عدة.

 

سندات الـ Eurobonds قابلة للسداد

هذا ورأى أن القطاع المصرفي اللبناني سيستعيد عافيته، بثقة اللبنانيين مقيمين ومغتربين، وهم على إستعداد دائم لضخ رؤوس الأموال وتنشيط التحويلات التي ما إنقطعت يوماً، وقد وصلت في العام الماضي ٢٠٢٠ الى ما يقارب ٧ مليارات دولار أميركي حسب التقرير السنوي للبنك الدولي. ويؤكّد: "نعم إنني واثق من استعادة ثقة اللبنانيين بالقطاع المصرفي شرط قيام حكومة جديدة مستقلة من أصحاب الإختصاص، تتمتع بالنزاهة والشفافية".وقال: " لبنان لا يموت "، مردفًا: "فإن تبرّع كل مغترب منا بفلس الأرملة سنتمكن من تسديد ديون لبنان دون الحاجة لمساعدة الآخرين. ولكن الدولة ليست محلّ ثقة لوضع المال في عهدتها. فأساس المشكلة يكمن بالثقة " .

وتعليقًا على إمكانيّة تصدير اللبنانيين لمنتوجاتهم للخارج قال : " المؤسف أنّ الناس لا يملكون التواصل الكافي بالنسبة لموضوع تصدير منتجاتهم للخارج. لبنان باخرة تبحر من دون بوصلة، ولا تخطيط ولا دراسات. إذا لم يكن هناك إعادة هيكلة لسياسات صناعيّة ، تجاريّة واقتصادية في لبنان، لن نستطيع الإنقاذ. فلبنان منذ الـ 1993 لا يملك سياسة اقتصادية ، وهذا الذي أدّى بنا إلى الإنهيار. يقال اليوم أنّ هناك 55 مليار دولار مال منهوب نجهل مكانه ، والكلّ يعلم أين هو. هناك 65 مليار دولار فارق لهذه السنوات الخمس بين الإستيراد والتصدير، فكنّا نستورد 85% من المنتوجات ونصدّر فقط 15% من منتوجاتنا الوطنية ".

 

الجامعة اللبنانية الثقافية ترفض كل أشكال المحاصصة والتقسيم ... ولا يمكن لهم أن يفرضوا الطائفيّة علينا .

أمّا في ما يتعلّق بالجامعة اللبنانية الثقافيّة  في العالم وتقييمه لها ولدورها، أوضح منسّى انّ الجامعة اللبنانية الثقافية كانت دومًا ممثّلة اللبنانيين في الإغتراب . وأوضح من جهة أخرى: " للاسف تدخلت فيها التجاذبات السياسية ، لكننا رغم كل ما يحكى عن إنقسامات، فإني أؤكد لكم أننا على تواصل دائم بين كافة أجهزة الجامعة ، كلٌّ من موقعه ، موحدون في خدمة الوطن الأم لبنان ،أرض الآباء والأجداد. وقد تنادت كل فروع الجامعة في القارات الخمس لجمع التبرعات وارسالها الى بيروت، إثر كارثة ٤ آب المؤلمة. ففي فرنسا على سبيل المثال، تلاقت كل الجمعيات الإغترابية، وارسلت ما جمعته من مساعدات مالية وعينيّة، من أسرّة مستشفيات، وأجهزة طبيّة وأدوية ، ومواد تعقيم، وآلات الأوكسيجين، والمواد التموينية والغذائية، و ملبوسات وتجهيزات منزلية وتدفئة، وغيرها من مستلزمات دعم القطاع الطبي والإستشفائي، وترميم المنازل التي تضررت، وقدّر حجم المساعدات بمئات ألوف الدولارات واليورو".

لافتًا إلى أنه وقبل الإغلاق بسبب انتشار وباء كورونا "كنّا ننظّم حفلات وعشاءات ونخصص ريعها لمساعدة أهلنا اللبنانيين المقيمين في لبنان .

وردًّا على سؤال عن رغبة أعضاء الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة أجاب : " نحن في الجامعة اللبنانية الثقافية نرفض المقاعد الست في المجلس النيابي المخصصة للنواب المغتربين، لأننا لا نريد أن نقسّم الإغتراب على بعضه البعض ، ثمّ إنّ هنالك 12 مليون لبناني مغترب وستّ مقاعد قليلة جدًّا ، زد على ذلك أنّ المقاعد السّتّ مقسّمة على الطوائف الستّ الكبرى في لبنان وهذا أمرٌ ممنوع في الخارج. لا يمكن لهم أن يفرضوا الطائفيّة علينا. لبنان لا يستطيع أن ينهض لوحده أبدًا ، فهو ينهض بالمقيمين والمغتربين، ومن سينقذ لبنان فعليًّا هم المغتربون عن طريق تعزيز الثقة بلبنان ".

 

"أنا لست مهتمًّا أو طامحاً لأيّ منصب  في الدولة اللبنانية "

وعن رغبته المشاركة بحضور مؤتمر الطاقة الإغترابيّة قال : " أنا دعيت لحضور كلّ مؤتمرات الطّاقة الإغترابيّة اللبنانية وكنت مشاركًا فاعلًا فيها ".  وأضاف : " كلّ ما يعنى بالمغتربين يهمني وواجبي أن أشارك فيه وهو بالنهاية جمعة اغترابية " .

وردًّا على سؤال حول نيّته شغل منصب وزاري في الحكومة اللبنانية  العتيدة أجاب: " أنا لست مهتمًّا أو طامحاً لأيّ منصب في الدولة اللبنانية ، فأنا اليوم متقاعد، والمفترض أن أكون منتجًا للبنان بالأفكار والخبرات التي اكتسبتها في الإغتراب. هدفي أن أساهم بجعل أبنائنا اللبنانيين في الإغتراب يحبّون لبنان " .

ولفت في هذا الإطار إلى : " أنه كان لي الشرف أن أكون عضو مؤسس لعدة جمعيات وهيئات في لبنان والخارج . فأنا عضو مؤسس في لقاء الأحد الثقافي بطرابلس، وعضو مؤسس في نادي Tripoli Vector Lions Club. كذلك أنا عضو مؤسس في Association Sauvegarde Patrimoine Tripoli الى جانب رئيسة الجمعية الدكتورة جمانة شهال تدمري، وغيرها .... من الجمعيات التي تعنى بالشأن الإغترابي والتراثي والثقافي."

الأكثر قراءة