المغترب اللبناني في الولايات المتحدة جوزيف عون: سيصبح الوضع في لبنان أسوأ قبل أن يتحسن ولننظر إلى النموذجين اليوناني والأرجنتيني

خاص | باميلا فاخوري | Tuesday, June 15, 2021 12:34:00 PM

لم يكن الوطن "منًّا" مع المغترب جوزيف عون ولا كانت مغادرته "سلوى" أو رحلة سهلة، إذ حملته الحرب الأهلية على مغادرة وطنه على متن قارب من جونية إلى قبرص، ليتوجه بعدها إلى الولايات المتحدة ويستقرّ في فينتورا في ولاية كاليفورنيا، ويعيش فيها منذ أكثر من 42 عامًا بقليل.. والقارب كان مليئًا بشباب لبنانيين معظمهم من الدامور، بحسب ما كشف عون لـ"diasporaOn".


التهجير الممنهج
يعتبر عون أن السيناريو الذي عاشه، من الممكن ان يتكرر مع غيره من اللبنانيين، ويقول: "للأسف يمكن أن يتكرر. إنه بالفعل فظيع. للأسف هذا هو تاريخنا أيضًا ، كان لدي عم هاجر إلى الأرجنتين حوالي عام 1915 هربًا من التجنيد العسكري التركي لشباب لبناني لقتالهم في الحرب العالمية الأولى".
وعمّا إذا كنا سنشهد تغييرًا ديموغرافيًّا في لبنان قال عون: "لدينا الكثير من التناقضات بين أبناء شعبنا في لبنان، وقد يبدو من الصعب جدًا تجاوز هذه التناقضات. إذ يتطلع المسيحيون في الغالب إلى الدول الغربية من أجل تطلعاتهم الثقافية والدينية، فهم يحبون الارتباط بأوروبا وأميركا. من ناحية أخرى، يتطلع معظم المسلمين في لبنان إلى دول الشرق الإسلامي على ولائهم وانتماءاتهم الثقافية والدينية. لذلك، إذا كان بإمكان الناس في لبنان إدارة تطلعاتهم، فقد يكون من الأسهل بكثير التوافق ، لكن هذا أقرب من المستحيل لأن الدول المجاورة لها تأثير كبير على لبنان وكل من القوى الشرقية تريد أن يكون لبنان إلى جانبهم. بالإضافة إلى ذلك ، فقد مارس اللاجئون الفلسطينيون، والآن اللاجئون السوريون، ضغطاً كبيراً على أسلوب الحياة اللبناني".


أين لبنان من اتفاقية سايكس – بيكو جديدة تعددية الأقطاب؟
وعن طرح "سايكس بيكو" جديدة، قال عون: "لا أعتقد حقًا بوجود اتفاقية مماثلة الآن. فبالعودة إلى عام 1916، كانت فرنسا قد هزمت الإمبراطورية التركية واستولت على جميع الأراضي التي كانت تحت السيطرة التركية. لذا لتقليل الاحتكاك بين فرنسا وإنجلترا، تم التوصل إلى هذا الاتفاق. الآن لدينا صورة سياسية مختلفة ، وهناك العديد من الدول التي تتنافس على النفوذ في الشرق الأوسط بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين ومعظم الدول الأوروبية والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا ومصر"
وأضاف: "ستكون سايكس بيكو مستحيلة. من الصعب إيجاد أهداف مشتركة بين كل هذه البلدان، ولهذا السبب فإن الشرق الأوسط في نزاعٍ مستمرّ، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح إسرائيل وتأثيرها".


لبنان بنظام رئاسي؟
عن شكل النظام في لبنان، وإذا كان من المعقول أن يتحول النظام البرلماني إلى رئاسي في لبنان أوضح عون أنه "لكل من النظامين البرلماني والرئاسي سلبياته وإيجابياته. لكن في لبنان أجد صعوبة بالغة في تصديق أن الكثير من الناس يرغبون في نظام رئاسي يتمتع الرئيس فيه بالسيطرة الكاملة على غرار نظام الولايات المتحدة".
وأشار إلى أنه "يمكننا تغيير النظام ولكن لا يمكننا تغيير الناس، لذلك لا يناسب مصالح الأديان المتعددة ومجموعات من الناس الموافقة على منح كل هذه السيطرة لكيان واحد مثل الرئيس. ففي النظام البرلماني، سيكون لكل مجموعة بعض التأثير".
وتابع: "لكن كان يجب أن نكون قد تعلمنا الآن أن نظامنا الحالي القائم على الانتماء الديني قد فشل فشلاً ذريعاً. إذ تظهر نزاعات 1958 و 1975 ، وأسوأها جميعًا الصراع الحالي، أن نظام حكومتنا غير منتج؛ وإذا لم نتعلم الآن ، فنحن بالتأكيد محكوم علينا. لذا، في رأيي ، يجب أن يكون موقف المسيحيين هو الموافقة على نظام برلماني يقوم فيه الرئيس ورئيس الوزراء وجميع الوظائف الحكومية على أساس الكفاءة لا الانتماءات الدينية و ذلك لضمان عدم دمج رئيس مسلم ورئيس وزراء لبنان في سوريا أو إيران أو أي دولة أخرى ؛ لذلك على المسيحيين أن يطلبوا أن ينصّ الدستور الجديد بوضوح على أن لبنان سيكون مثل سويسرا، غير منحازة ومستقلة عن جميع دول العالم. كما من الجدير بدستورنا أن يشير دستورنا بوضوح إلى أن سلام لبنان مع إسرائيل لن يتم إلا بعد أن تحل جميع دول الشرق الأوسط والدول العربية القضية الفلسطينية وتوقع معاهدة واتفاقية سلام مع إسرائيل".

هل يعود النفوذ الفرنسي في لبنان ويرعى المارونية السياسية كسابق عهده إبّان الإنتداب؟
وردًّا على سؤال حول المبادرة الفرنسية، اليوم في لبنان أجاب عون: "أعتقد بقوة أن لبنان مدين بقدر كبير من الامتنان للرئيس الفرنسي ماكرون. ففي خضم الجائحة التي فتكت بدول العالم ومن بينها فرنسا، قام الرئيس ماكرون بزيارة لبنان مرتين بعد انفجار مرفأ بيروت وحاول جاهدًا إقناع السياسيين اللبنانيين بالاتفاق على خطة عمل لحلّ معظم مشاكل لبنان، وهي تعمل على ذلك".
إلا أنه لفت في المقابل إلى أنّ فرنسا "ليست قوة عظمى في العالم الآن وتأثيرها محدود. ففي ظلّ الأزمة الحالية في لبنان، أعتقد أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران لها التأثير الأكبر على الوضع الحالي".


سياسة العدو تجاه لبنان مع بينيت
وعمّا إذا كانت سياسة اسرائيل تجاه لبنان ستتغير أو ستصبح أكثر حدّيّةً مع وصول نفتالي بينيت إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية قال: "لا أعتقد حقًا أن سياسة إسرائيل تجاه لبنان ستتغير مع تولي بينيت منصب رئيس الوزراء الجديد".
وأردف: "كما أنني لا أعتقد حقا أن ترسيم الحدود سيؤدي إلى حل للنزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل".
وفي ما تعلّق بطبيعة الصراع اللبناني - الإسرائيلي أكّد أنه "من الصعب حقًا التنبؤ بمن يمكن حل هذه المشكلات الصعبة بينهما".

هذا ورأى عون أنّ "في انتظار لبنان فقط الأوقات الصعبة لأن المشكلة الحقيقية تكمن بتراكم الديون التي تقترب من 100 مليار دولار" مشيرًا إلى أنه "يمكن لحكومة جديدة في لبنان التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لقتليص حجم أزمة ديون لبنان ودعم العملة اللبنانية، ولكن هذا يأتي مع متطلبات قاسية للغاية مثل زيادة الضرائب على الأفراد والشركات ووقف معظم المساعدات".
وأكمل: "سيصبح الوضع في لبنان أسوأ قبل أن يتحسن. علينا فقط أن ننظر إلى البلدان التي تخلفت عن سداد ديونها مثل اليونان أو الأرجنتين ؛ لقد مروا بوقت عصيب للغاية في البداية ولكن اقتصادهم تعافى في النهاية وأصبح لديهم حياة أفضل الآن".

وفي ما خصّ تثبيت سعر صرف الليرة اعتبر عون أنّ ذلك "يعتمد على مدى السرعة التي يمكن أن تتفاوض بها حكومة جديدة مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض جديد أو فعليًّا على قدرة الحكومة اللبنانية الجديدة على الحصول على مساعدة مالية من المملكة العربية السعودية أو دول الخليج أو اللجوء إلى اتفاقية باريس أخرى لمساعدة لبنان".

الأكثر قراءة