المغترب اللبناني في الدانمارك روبير الحاج: فليضع المثقفون والمفكرون المقيمون والمغتربون جدول أعمال لحلّ الأزمات في لبنان

خاص | باميلا فاخوري | Thursday, June 17, 2021 5:37:00 PM

باميلا فاخوري

"لا تستطيعون أن تغيّروا بقومٍ ما لم يغيّروا بأنفسهم" جملةٌ تختصر دعوة المغترب اللبناني روبير الحاج الذي ضاق ذرعًا بالوضع اللبناني وبمجابهة مبادراته الإنقاذية بالفشل.

ويبدو أنّه توصّل إلى الحكمة التي قالت بها فلسفة نيتسه عن تحوّلات العقل : فمن الجمل، إلى الأسد، فالطفل. من هنا توصّل الحاج في نهاية المطاف إلى معرفة أنه لن يستطيع تغيير الناس، بل أن يبدأ بتغيير نفسه. والثورة تبدأ من الفرد لتطال الجماعة الأكبر. لكأنه اختزل ما خلص أيًا إليه المعالج النفسي والمفكر السويسري كارل غوستاف يونغ من يسمى الـ " Le processus d’individuation"، إذ بحسب ما استشفّنياه من حديثه لموقعنا أنّ هذا هو الحلّ الطويل الأمد والأنجع للحلّ في لبنان.

في السياق، أكد الحاج أنه لم يعد ملتزمًا بالنشاط مع أية جهة مسؤولة أو جالية، وفي الاساس في الدنمارك لا وجود لجالية لبنانية لكون عدد اللبنانيين الموجودين على أراضيها لا يتخطى الـ 3000 شخص".

وقال: "دخلت في ما مضى الجامعة اللبنانية الثقافية، إلا أنني تركتها لأنه تبيّن لي أنّ طابع الأحزاب طغى عليها. نحن كلبنانيين لا صوت لنا في الدانمارك، وإن كان هنالك نشاط لبناني فيها فهو ينحصر على صعيد الأحزاب. وأنا لا أدخل الأحزاب".

وتعليقًا على سؤال حول ما يشاع عن الهجرة، قال: "لقد سمعت عن هجرة بعض اللبنانيين إلا أنه وفي ما يتعلّق بالدانمارك، لا وجود لبرامج هجرة للبنانين أو غيرهم، ثمّ إنّ الدولة بعد استقبال اللاجئين في ما مضى تؤثر اليوم سياسة حظر استقبال المهاجرين، وتحصر نيل الجنسة بشروط مثل أن يكون الزوج أو الزوجة من الجنسية الدانماركية فضلًا عن الوظيفة واللغة والمعرفة والإطلاع على التاريخ الدانماركي. وفي ما خصّ الطلاب فإنّ الدانمارك لا تستقبل الطلاب اللبنانيين وتفرض قيودًا على هجرة البعض".

وأوضح أنه "ليس هنالك علاقات خارجية وطيدة بين لبنان والدانمارك وهذا يتمثّل على جميع الأصعدة على انقطاع الحركة التجارية والطالبية بين البلدين".

وأضاف: "العلاقات بين الجانبين اللبناني والدانماركي ليست على نطاق رسمي إنما تقتصر على العلاقة بين حزب القوات اللبنانية والدانمارك".

وكشف أنه "حتّى أنه لا وجود لسفارة لبنانية في الدانمارك إنما نتبع لسفارة لبنان في السويد. ونواجه مشاكل كبيرة مع السفارة إذ إنها لا تجيبنا عن أسئلتنا ولا تحترمنا، زد على ذلك التكاليف التي نتكبدّها من أجل أوراقنا".

وأشار إلى انه "لديّ الجنسية الدانماركية لأن زوجتي دانماركية وأعمل في مجال التجارة والتسويق للنبيذ بعد أن عملت في مجال تصفيف الشعر".
وأردف: "اليوم بات يزرع نوعا من العنب الملائم لطبيعة الدانمارك".

وأكد أنّ "ما يعيق استيراد الدانمارك للنبيذ اللبناني يكمن بكون سعره فيها يفوق 30% نوعيته والدانماركيون لن يفضلوا النبيذ اللبناني على نبيذهم أو أي نبيذ آخر يعرفونه". وردّ ذلك إلى العلاقات التجارية بين لبنان والدامارك تعود للعلاقات الخارجية.

وأكمل: "الدانمارك من الدول الرائدة في مجال حقوق الإنسان، والدانماركيون من أكثر الشعوب سعادةً".

وردًّا على سؤال حول ما الذي يحول دون أن يصبح اللبنانيون كالدانماركيين وعمّا إذا كان الأمر بات مستحيلاً أجاب: "لا شيء صعبٌ أمام الإنسان إذا ما وضع في رأسه الأسس المتينة وأعمل عقله والمنطق والتنظيم لعيشه حياةً مثلى".

ورأى أنه "في الغربة يتعلم الإنسان أن يعيش ضمن أطر المنطق."

وقال: "لقد عملت جاهدًا إلى جانب من اعتقدتهم ثوارًا ووضعت في عهدتهم خبرتي ومشاريعي إلا أنني لم ألقَ أيّ صدًى فأحبطت هزيمتي ومساعييّ لمساعدة لبنان على التغيير ووضعت الأمر بين يدي الله. "

وتابع: "لبنان يفرّغ من مثقفيه ومفكريه وهذا ما يعيق عملية الحلّ واللبنانيون في الأساس يفكرون في المشلكلة ويتوقفون عندها ولا يذهبون باتجاه الحلّ وإذا ما ظهر الحلّ أمامهم يرفضونه. اللبنانيون ببساطة يجهلون ثقافة وضع الحلول العملية."
وأكمل"لقد قال لي مرّةً أحد المسؤولين الحزبيين: لكم أرى اللبنانيين ناجحين أينما حلّوا، فأجبته: لم ينجحون في الخارج ويفشلون في الداخل؟ فاحتار في امره وتلعثم ولم يعطني إجابة مقنعة ووافية".

وعن الحلّ قال: "الحلّ يكمن في أن يعود الإنسان إلى ذاته وأن يبدأ تلك "الورشة الداخليّة" بالوعي ومعرفة الذات وإصلاح الإعوجاجات الداخلية".

واعتبرالحاج أنّ "الثوار ليسوا بكثيرين مقارنةً مع الشوارع الحزبية في لبنان وهم ليسوا موحدين لا على المطالب ولا على القيادة ولا على الحلّ فأيّ ثورةٍ هذه وكيف لها أن تنجح؟"

وأضاف: "ثمّ إنّ الثورة لم تنجح أيضًا بسبب الخوف من مواجهة النظام الامني وانعدام الجهوزية للتصدي له".

ولفت إلى أنّ لبنان بعيدٌ جدًّا عن ترك الأحزاب فهم متعلقون بزعمائهم على الرغم من الذّلّ الذي يفرضونه عليهم.

وشدد على أنّ "لبنان لن يقوم سوى حين يوضع تحت الإدارة الدولية كما حصل في اليونان. إنما فعليًّا الإدارة الدولية تضع حدودًا أمام اللبنانيين ولا تسمح لهم بالتعافي سوى لحدود معينة لأنّ المحافل الدولية لا تعمل سوى لمصلحة اسرائيل واسرائيل لها وسائل ضغطها وقنواته في كافّة الدول ولديها سلاح الإستعطاف ومعاداة السامية الذي تستخدمه. "

وأشار إلى أنه "للأسف لقد جاء الكثير من المصلحين الإغترابيين من أمثال كارلوس سليم، فلقد طلبت الأحزاب إليه الخوّات مقابل الإصلاحات، فما كان منه سوى أن رحل. ولقد سبق لي أيضًا أن جئت إلى لبنان آملًا بأن يسمح لي بالتغيير إلا أنني صدمت ورحلت. وكنت قد حضرت مشروعًا عمليًّا لنجدة لبنان من المزالق التي وقع فيها إلا أنه لم يعرني أحدٌ اهتمامًا".

ونبّه إلى أنه "على العمل الحزبي في لبنان أن يكون إنمائيًّا لا طائفيًّا على غرار الأحزاب في الدانمارك."

وختم : "ليضع المثقفون والمفكرون مقيمين ومغتربين جدول أعمال لحلّ الأزمات في لبنان".

الأكثر قراءة