فنّاناً كان الوزير السابق للداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال عهده، في مخالفة قوانين المحاسبة العمومية والمناقصات، لإجراء مناقصات ومزايدات وإتفاقات بالتراضي مشبوهة وتطرح حولها ألف علامة إستفهام وإستفهام.
من بين هذه المناقصات والموثقة بالمستندات والمراسلات التي حصل عليها موقعنا، هي تلك المتعلقة بدفتر شروط ملف كنس وجمع ورفع ومعالجة نفايات مدينة بيروت إضافة الى إستحداث محارق لمدة زمنية تمتد الى 25 عاماً.
ففي كتاب أرسله وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني الى رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية بتاريخ 24 نيسان 2017، يتبين أن تويني طلب إتخاذ التدابير والإيعاز الى إدارة المناقصات إجراء المقتضى القانوني بإبداء الرأي بهذه المناقصات خصوصاً بعد تلقيه شكاوى من أعضاء في المجلس البلدي سجلوا إعتراضتهم في المحاضر على دفتر الشروط وبنوده. هذا الكتاب، سرعان ما رد عليه رئيس التفتيش المركزي محيلاً الملف الى مدير عام المناقصات جان العلية وطالباً منه الإطلاع وإبداء الرأي وذلك في الرابع من أيار 2017. بدوره رد العلية بجواب أولي على عطية في السادس من أيار أي بعد يومين فقط. جواب العلية كان واضحاً وفيه جاء أن إدارة المناقصات وكي تتمكن من ابداء الرأي في دفتر الشروط المذكور، لا بد من توفّر المستندات المتعلقة بالقضية ومنها، نسخة من الدفتر العربي لدفتر الشروط الخاص بالصفقة، نسخة عن محاضر جلسات المجلس البلدي التي أقر فيها دفتر الشروط الخاص بالصفقة، مستندات الإعلان عن الصفقة إضافة الى إيضاحات العارضين في حال تقدمت وسوى ذلك من المعلومات المتعلقة بالصفقة ومحاضر جلسة لجنة التقييم في حال التلزيم.
الى هذا الحد، كانت الأمور تسير على ما يرام. فجأة كانت المفاجأة. ففي الثاني من حزيران 2017، تلقى العلية وثيقة محالة اليه من رئيس التفتيش المركزي القاضي عطية، طلب فيها منه إسترداد الملف المتعلق بقيام بلدية بيروت بإعداد دفتر شروط مناقصة نفايات مدينة بيروت. وفي الثالث من حزيران، إضطر العلّية الى إعادة الملف لرئيس التفتيش. كل ذلك حصل بتدخل واضح وفاضح من المشنوق. نعم وزير الداخلية هو من تواصل مع رئيس التفتيش مبدياً إنزعاجه من طلبات إدارة المناقصات وملاحظاتها على دفتر الشروط، وهو نفسه من طلب من عطية إعادة الملف الى "البلدية المحسوبة على رئيس الحكومة سعد الحريري، والتي من المُستحبّ ألا يتدخل أحد بمناقصاتها...".
نتيجة هذا التدخل كانت أن المناقصة أجريت داخل البلدية (بإستثناء مناقصة المحرقة التي لم يتم الإتفاق عليها حتى اليوم) وبشروط المشنوق وفريقه السياسي آنذاك أي تيار المستقبل الذي كان ولا يزال حتى اليوم يتحكم بمفاصل القرار في المجلس البلدي.
هي واحدة من "مآثر" وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق في وزارة الداخلية. "مآثر" صحيح أن بعضها أوقف كمناقصة الميكانيك الشهيرة ومناقصة سجن مجدليا، غير أن البعض الآخر منها يجب أن تفتح ملفاته على مصراعيها من قبل القضاء لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتورطين.