ديوان المحاسبة يضرب بيد القانون في تلزيمات المطار: ادانة وزيرين للاشغال ومديرين عامين وموظف وتغريمهم.. فهل يتحرك القضاء العدلي ومجلس النواب للمحاسبة الجزائية؟  

خاص | diasporaOn | Monday, July 26, 2021 10:40:00 AM

 

دان ديوان المحاسبة وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار، وسلفه الوزير يوسف فينيانوس، إضافة إلى المدير العام للطيران المدني السابق محمد شهاب الدين ورئيس المطار فادي الحسن والموظّف رامي فوار، وفرض على المذكورين غرامات مالية متفاوتة، كل بحسب مسؤوليته، بعد ثبوت مخالفتهم القانون في تمديد عقد تشغيل وصيانة منشآت تزويد الطائرات بالوقود في مطار رفيق الحريري الدولي لمصلحة شركة "ألف ميد" التي يملكها مارون الشمّاس، والتي تشغل هذه المنشآت منذ زمن.

تمديد نجار العقد، جاء بعد حديث إعلامي عن إمكان حصول انفجار كبير في مطار بيروت من جرّاء اهتراء هذه المنشآت، وضرورة العمل لصيانتها وتجديدها. يومذاك كان ديوان المحاسبة رافضاً فكرة التمديد، ورفع توصية بضرورة إجراء دفتر شروط آخر ومزايدة جديدة. خصوصًا أنّ من مسؤولية الشركة المشغّلة تسليم المنشآت بحال جيدة عند انتهاء العقد.

إلا أن الوزير نجار، المحسوب على تيار المردة، وسلفه الوزير يوسف فنيانوس لم يعدا دفتر شروط قبل انتهاء مدة العقد، وهو أمر يخالف ما ينص عليه القانون، ومن واجبات الوزراء والإدارات احترام المهل، والعمل لإطلاق تلزيمات في الموعد المحدّد.

لكن القانون هذا لم يطبّق. وبذريعة أمنية مختلَقة لا أساس لها من الصحة، أعلن نجار تمديد عقد شركة "الف ميد"، استنادًا إلى تعميم مجلس الوزراء رقم ٢٧ الصادر في ١١/٠٨/٢٠٢٠ ثم إلى الموافقة الاستثنائية الصادرة عن رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء، وذلك بسبب انعقاد الحكومة لكونها مستقيلة، وفي معرض تصريف الأعمال.

الفقاعة الإعلامية التي أثيرت عن خطر حدوث انفجار في المطار كانت سببًا وراء وقوع النيابة العامة المالية في هذا الفخ، إذ كلّف المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم المستثمر مباشرة إعادة التأهيل على وجه السرعة في الخامس من أيلول ٢٠٢٠.

قرار القاضي إبراهيم هذا، الذي أتى على عجل، جاء بعد تبلّغه والمدّعي العام التمييزي، التحذير الذي أرسله ديوان المحاسبة إلى وزارة الأشغال منبّهاً من عواقب عدم التقيّد بالقوانين. لكن تمديد الأمر الواقع كان أقوى بمساعدة النيابة العامة المالية. وهو ما عدّه الديوان مخالفًا بسبب صدوره عن مرجع غير صالح.

في خلاصة قرار الديوان، وبعد الاستماع إلى المعنيين بالملف قرّرت الهيئة، التي يرأسها القاضي عبد الرضا ناصر والمستشاران محمد الحاج وجوزيف الكسرواني إدانة وزير الأشغال ميشال نجار وتدريكه الحدّ الأقصى من الغرامة التي تنص عليها المادة الستون، وفيها التالي: يعاقب بالغرامة من مائة وخمسين ألف ليرة إلى مليون ونصف مليون ليرة كلّ موظّف ارتكب أو أسهم في ارتكاب إحدى المخالفات الواردة في هذه المادة، إضافة إلى الإلزامات المدنية والعقوبات الجزائية والمسلكية، التي يمكن أن تقضي بها المراجع المختصة كأن يكون
1- عقد نفقة خلافًا لأحكام القانون أو النظام.
2- عقد نفقة من دون الحصول على تأشير مراقب عقد النفقات .
3- أهمل عرض إحدى المعاملات على رقابة الديوان المسبّقة أو وضع موضع التنفيذ معاملة لم تعرض على هذه الرقابة أو وضع موضع التنفيذ معاملة من دون التقيّد بالشروط الواردة في قرار الديوان بشأنها.
4- لم يتقيّد برفض التأشير على المعاملة من قبل ديوان المحاسبة أو من قبل مراقب عقد النفقات .
5- أساء قيد إحدى النفقات لستر تجاوز في الاعتمادات .
6- نفّذ أمرًا مخالفًا للقانون ورده عن غير طريق رئيسه التسلسلي.
7- أكسب أو حاول أن يكسب الأشخاص، الذين يتعاقدون مع الإدارة ربحًا غير مشروع.
8- ارتكب خطأ أو تقصيرًا أو إهمالاً من شأنه إيقاع ضرر مادي بالأموال العمومية أو بالأموال المودعة في الخزينة.
9- تأخّر عن إيداع ديوان المحاسبة أو النيابة العامة لديه الحسابات والمستندات والإيضاحات المطلوبة ضمن المهل المحدّدة في القوانين والأنظمة.
10- خالف النصوص المتعلقة بإدارة أو استعمال الأموال العمومية أو الأموال المودعة في الخزينة.

هذا وإضافة إلى غرامة تعادل راتب اثني عشر شهرًا، كما طلب الديوان إلى الوزير نجار العودة عن قرار التمديد والعمل لإجراء مزايدة عمومية، والطلب إلى المستثمر وقف الأعمال فور تبلّغ هذا القرار.

أيضاً دان الديوان وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، وغرّمه الحدّ الأقصى، الذي تنص عليه المادة الستون. فضلاً عن غرامة تعادل ستة أشهر من راتبه، على اعتبار أن فنيانوس تبلّغ كتابًا من الشركة المشغّلة للمنشآت قبل نهاية ولايته على عكس ما أفاد به في أثناء الاستماع إليه في ديوان المحاسبة.
ومثل فنيانوس غرّم الديوان رئيس المطار فادي الحسن والمهندس رامي فواز ، ودان المدير العام للطيران المدني محمّد شهاب الدين وغرّمه الحدّ الأقصى، الذي تنص عليه المادة الستون.

لم يكتفِ الديوان بالغرامات، إذ أحال الملفّ إلى النيابة العامة التمييزية وأحاط مجلس النواب بمخالفات الوزيرين نجار وفنيانوس.

وختم الديوان قراره بالطلب إلى وزارة المال إبلاغه الإجراءات المتخذة لتنفيذ هذا القرار.

الواضح أن الديوان أدّى واجباته، وأصدر قرارات بالجملة شملت المعنيين كافة في هذا الملف. قرار من شأنه أن يطيح وزراء ومديرين إذ وجدت إرادة المحاسبة ذلك، فالمسؤولية لا تقتصر على هذا الحدّ بل يجب أن تتبعها ملاحقات جزائية تستهدف العابثين بالقوانين وبالمال العام.

أنهى الديوان ملفه ليفتح الباب أمام تساؤلات محقة. هل تنفّذ ملاحقات جزائية في حق هؤلاء، أم تقف الحصانات السياسية والنيابية والوزارية سداً منيعاً يحول دون مشاهدة المرتكبين خلف القضبان

الأكثر قراءة