لا يقتصر الحلف القائم بين حركة أمل وتيار المرده فقط، على حدود أن الفريقين ينتميان الى محور الثامن من آذار أو لأنهما على علاقة جيدة بحزب الله والنظام السوري ومن خلفه ايران. فالحلف بين رئيس الحركة ومجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية أوسع بكثير من حدوده السياسية ويترجم فساداً وممارسات وصفقات وإتفاقات بالتراضي بين وزراء الحركة ووزراء المرده. كذلك يتمدد هذا الحلف ليشمل تيار المستقبل لا في السياسة بل في الصفقات والمناقصات المشبوهة واليكم ما حصل في المناقصات التي أجريت بين عامي 2014 و2019 أي خلال عهدي حكومتي الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري ووزيري الأشغال غازي زعيتر (حركة أمل) ويوسف فنيانوس (تيار مرده) والتي خصصت لشراء التجهيزات الأمنية في مطار بيروت الدولي.
من بين هذه الصفقات واحدة أبرمت لشراء معدّات وآلات للكشف على الأشخاص والبضائع في المطار، وقد فازت بها شركة الحمرا غروب لصاحبها عبد الهادي مقدم المقرب جداً من الوزير السابق نهاد المشنوق. صفقة أثيرت تساؤلات كثيرة حولها ليتبيّن لاحقاً أن ثمن المعدّات التي اشترتها الدولة بموجبها أعلى بنحو 16 مليون دولار من المعدات التي كانت معروضة من شركات أخرى تم رفض عروضها لأن معداتها غير متوافقة مع ما هو مطلوب في دفتر الشروط، علماً أن المعدات المرفوضة ذات نوعية أفضل من تلك المنصوص عليها في دفتر الشروط !
وبحسب مصادر مطلعة على الملف، تعود جذور القضية إلى العام 2016، أي الى عهد الوزير زعيتر، في تلك الفترة أحيلت الصفقة إلى إدارة المناقصات في التفتيش المركزي. إدارة المناقصات وبعد دراستها الملف وجدت أن شركة واحدة فقط تقدّم عروضاً تتوافق مع دفتر الشروط المطروح، وهذا ما يمنع فتح العرض وتلزيم الشركة، بسبب غياب المنافسة. فأبسط شروط المناقصة هو وجود أكثر من عارض. وبناء عليه، قررت إدارة المناقصات إرجاء مواعيد جلسات تلزيم استدراج عروض الأشغال والأعمال والتجهيزات الأمنية والتقنية المطلوبة للمطار. مع الإشارة إلى أن المعدّات المطلوبة تتضمن نظام مراقبة تلفزيونية عبر الكاميرات مع جميع مستلزماته، تقديم وتركيب وصيانة أنظمة مسح بالأشعة السينية على شكل بوابات للكشف على السيارات والشاحنات وأجهزة يدوية لكشف المتفجرات، تقديم وتركيب حاويات خاصة لعزل المتفجرات، نظام أشعة سينية يتم تركيبه على نظام جرارات الحقائب الواردة إلى المطار وأجهزة كشف على الحقائب والأشخاص لزوم المديرية العامة للطيران المدني.
إنتهى عهد زعيتر في الأشغال قبل أن ينتهي من إبرام هذه الصفقة المشبوهة، فما كان بخلفه الوزير فنيانوس إلا أن أكملها وعلى طريقته، فبمجرد أن شعر وزير الأشغال بإستحالة تمرير الصفقة المبرمجة على قياس شركة واحدة من باب إدارة المناقصات، لم يبقَ غير باب مجلس الوزراء، لأنه الوحيد الذي يملك السلطة القانونية للموافقة على الصفقة بالتراضي. وفي جلسة مجلس الوزراء في شهر آذار 2017 تمت الموافقة على الصفقة، بالاستناد إلى الشرح التفصيلي الذي قدمته رئاسة جهاز أمن المطار، لمواصفات الأجهزة المطلوبة، وبالاستناد أيضاً الى تقرير اللجنة الفنية المكلفة النظر في "مدى مطابقة دفاتر الشروط العائدة لأشغال وأعمال التجهيزات الأمنية والتقنية المطلوبة لمطار بيروت الدولي للشروط الفنية الأحدث"، بحسب ما ورد في محضر تلك الجلسة. وقد عرض رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تقرير اللجنة على الوزراء في شهر 2 من العام 2017 والنتيجة جاءت على طريقة الرئيس بري، "صُدّق" حتى ولو كان ذلك على حساب الخزينة العامة وبهدر بلغ 16 مليون دولار ! وهل هناك من يسأل بعد في لبنان كيف وصلنا الى ما وصلنا اليه من إفلاس وإنهيار؟