من يسمع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وهو يتحدث عن فساد الطبقة السياسية وصفقاتها ومحسوبياتها يعتقد للوهلة الأولى أن صاحب هذه التصريحات والهجومات النارية هو رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم أو رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب اسامه سعد أو أي شخصية معارضة لم تدخل جنة مجلس الوزراء يوماً في تاريخها.
وكأن جعجع لم يكن شريكاً في السلطة منذ خروجه من السجن بعفو في العام 2005 أو كأن حزبه لم يتولّ وزارات عدة وفي أكثر من حكومة سابقة.
وكأن أداء وزراء القوات وممارساتهم كان مختلفاً عن أداء الوزراء الآخرين، وكي لا تأتي أسئلتنا من باب الإتهام والتجنّي فقط، اليكم وبالمستندات أمثلة ونماذج عن فساد وزير الصحة السابق غسان حاصباني الذي سمته معراب لتولي هذه الحقيبة الخدماتية بإمتياز.
في المقال هنا عيّنة عن قرارات انطوت على الفساد
في المستند الأول يتبين كيف توجه حاصباني في الأول من شباط 2019 بكتاب الى إدارة مستشفى رفيق الحريري أبلغها فيه موافقته على نقل السيدة اليسيا بطرس العريجي من المستشفى الى مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك مستنداً بذلك الى النظام العام للمؤسسات العامة.
وكأن مصلحة سكك الحديد بحاجة الى موظفين أكثر مما هي بحاجة اليه إدارة مسشتفى رفيق الحريري الجامعي !
أولاً، وفي الشكل لقد وقّع حاصباني كتابه في الأيام الأخيرة له في الوزارة أي على شكل تهريبة وعلى قاعدة يا رايح كتّر القبايح. وللتأكيد على مبدأ التهريبة، عبّر حاصباني عن إنزعاجه في بيان أصدره من تسريب المستند الذي وافق فيه على نقل العريجي.
ثانياً، في المضمون، حاول حاصباني أن يكحّلها فعماها، إذ حاول في البيان الدفاعي الذي أصدره أن يبرر موافقته بأن طلب النقل جاء من العريجي وليس بمبادرة منه وكأن الموظف سلطان وطلباته لا ترفض في المؤسسات العامة. ولتغطية الخلفية السياسية والخدماتية لقراره - الفضيحة راح حاصباني يبرر ويفسر ويقول إن القوانين والمراسيم تسمح بخطوة كهذه وكأن ما من أحد يعلم أن القوانين اللبنانية التي مرّ عليها الزمن بحاجة الى تحديث أو كأن الوزير غير مسؤول عن تقدير تبعات قرارته وأن الموظفة تطلب نقلها من مؤسسة عامة تعمل كمستشفى الحريري الى مؤسسة عامة لا تعمل كمصلحة سكك الحديد.
أما المستند الثاني، فهو قرار موقع من حاصباني في العام 2018 وفيه موافقة وزارة الصحة على إبرام عقود إستئجار خدمات لعشرة موظفين في مستشفى البوار الحكومي كل ذلك بعد صدور قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي منع التوظيف والتعاقد في المؤسسات العامة والإدارات. قمة الوقاحة جاءت في تغريدة وزير الصحة القواتي التي إتهم فيها مجلس إدارة المستشفى المحسوب على التيار الوطني الحر بتوظيف 10 موظفين من دون موافقته، ليتبيّن من الكتاب الذي نشره مجلس إدارة المستشفى أن الوزير هو من وافق ووقّع على توظيف هؤلاء، وقد يكون السبب في حينها سياسة مرقلي لمرقلك بين القوات والتيار الوطني الحر.
لكل ما تقدم من الأفضل أن ينهي جعجع سريعاً مسلسل مزايداته على السياسيين الذي بدأه في 17 تشرين الأول 2019 ظنّاً منه أن إستقالة وزرائه من الحكومة تبيّض سجلهم الفاسد وتجعلهم أبرياء من دمّ الإنهيار المالي والإقتصادي الحاصل.
الشمس شارقة والناس قاشعة "حكيم" وما بتصحّ إلا الحقيقة التي تقول أنك كالآخرين شريك في الفساد والهدر والزبائنية.