استيلاء على مساحات الدولة في عيتا الجبل: تواقيع مخاتير ووضع يد والحزب والحركة ساكنان!

خاص | diasporaOn | Thursday, August 19, 2021 11:02:00 AM

عباس إبراهيم إبراهيم، من مواليد عام ١٩٦٤ ، من بلدة عيناثا الجنوبية، والدته فاطمة سمحات، اسم لشخص لا وجود له في سجلات نفوس الدولة اللبنانية، لكنّه يملك عقاراً في بلدة عيتا الجبل الجنوبية مساحته ٩٥٠٠ متر مربع، وقد باعه للمدعو رفعت رياض حمزة بتوقيع وتصديق من مختار البلدة أمجد مرتضى. يبيع عباس إبراهيم وهو شخص وهمي عقاراته بمصادقة من المختار على البيع.

هي واحد من أساليب سرقة أملاك الدولة في قرى الجنوب، وهي واحد من ابتكارات مختار عيتا الشعب أمجد مرتضى، الذي صادق على صحة توقيع شخص غير موجود، إذ نظّم المختار مرتضى علم وخبر لمصلحة اسم وهمي، وأقدم على بيع العقار حيث أملاك الجمهورية اللبنانية لشريكه رفعت حمزة.
في الجنوب اللبناني وبسبب الاحتلال الإسرائلي وتهديده الدائم للمنطقة، لم تتابع الدولة اللبنانية أعمال التحديد والتحرير في قرى جنوبية عديدة، منذ عام 1920، وهي عبارة عن مشاعات للدولة وأملاك للمواطنين. ومن أجل التخفيف من الأزمة المستعصية، لجأت مديرية الشؤون العقارية عام ألفين وثمانية، في عهد الرئيس فؤاد السنيورة، إلى تلزيم شركات مساحة تنفيذ هذه المهمة.
إلا أنّه من بين المخالفات التي تسببّت بإشكالات كثيرة، إقدام الشركات المعنية على تقاضي مبالغ ماليّة من المواطنين القريبة أملاكهم من مشاعات الدولة من أجل التلاعب بالمساحة والاستيلاء عليها، وقد وصلت الأموال المدفوعة في بعض الأحيان إلى أربعة آلاف دولار. وما سهّل على المسّاحين اللعب بالمساحة والتعدي على المشاعات امتلاك بعض بعض المواطنين حججًا قديمة. وكلّ ذلك ما كان ليحدث لولا تواطؤ المختار الذي لم يتورّع عن التوقيع على العلم والخبر زوراً وبهتاناً.
أغلبية تواقيع المختارين كانت على عقارات بوضع اليد منذ أكثر من عشر سنوات، وهذا يظهر في أغلب الإفادات العقارية التي ظهرت فجأةً في هذه المناطق.
وفق القانون يحتاج العلم والخبر الى توقيع مختارين اثنين، ويجب أن يخضع لتحقيق قوى الأمن للتثبت من توقيعهما، قبل أن يصادق عليه القائمقام في القضاء ويصبح مسجّلاً في سجلات المحافظة.
ما يقوله القانون لم ينفّذ في عيتا الجبل، ولا في غيرها من القرى الجنوبية، فالإفادات الصادرة عن المختار مرتضى لم تحظ جميعاً بتوقيع المختار الثاني في البلدة حسن كركبا، وهو مؤشّر واضح إلى عدم قانونية وصدقية هذه المستندات التي استعملت في المسح العقاري للبلدة.
كان المختار أمجد مرتضى من حصة حزب الله في انتخابات البلدة في ولايته الأولى، إلا أنه ونتيجة ارتكاباته عاد وترشّح مستقلاً ومدعوماً من عائلته، بعدما قاطعه الحزب، وجمعته شراكة برفعت حمزة، أحد كبار أصحاب المولِّدات في الضاحية الجنوبية، وامتدت الشراكة لتصبح شراكة عقارية، وبات ابن بلدة الجميجمة يوسف حمزة يملك عقارات في عيتا الجبل، وهو مشتري العقار من الشخص الوهمي عباس إبراهيم إبراهيم بتوقيع ومصادقة من المختار أمجد مرتضى وفق ما يظهر المستند.
الأسلوب نفسه اعتمده مرتضى لمصادرة عقار آخر كما يثبت إقرار البيع باسم عائلة سليم محمد ناجي من قرية بيت ياحون، وهو اسم وهمي آخر استعمله مرتضى لتسجيل عقار مساحته ثمانية آلاف متر باسم شقيقه رئيس بلدية عيتا الجبل السابق محمود مرتضى، والمستند مذيّل بتواقيع الورثة، وهم أشخاص لا وجود لهم في سجلات النفوس العائدة إلى بلدة بيت ياحون.
لم تقتصر الأمور على هذا الحد، فالعقار الذي تملّكه محمود مرتضى استحصل من التنظيم المدني على ترخيص لبناء منزل من خلال المستندات المزوّرة، كذلك استحصل من خلال موقعه كرئيس للبلدية على ترخيص لبناء تصوينة للعقار، واستخدم هاتين الرّخصتين لاقتلاع صخور من العقار وبيعها.
وبحسب إفادة رئيس بلدية عيتا الحالي أحمد غزاوي بعد تقديمه دعوى أمام وزارة الداخلية، "أنه منذ انتخاب مرتضى مختارًا لبلدة عيتا، باشر أعماله وتصرّفاته الملتوية بهدف الاستيلاء تدريجيًا على مشاعات البلدة، عبر تزوير بيانات العلم والخبر وتسجيل عقارات باسم مقرّبين إليه، وقد أقدم على الاستيلاء على المشاعات الواقعة بين بلدتي عيتا الجبل وبيت ياحون، عبر تنظيم حجج وإقرارات بيع مزوّرة ووهمية لاشخاص وهميين".
الخلافات والدعاوى في عيتا الشعب أدّت إلى توقف أعمال التحديد والتحرير، فالقيّمون على البلديات من حزب الله وحركة أمل، لم يتدخّلو لوضع حد لهذه التعديات على أملاك الدولة والأملاك الخاصة، وحتّى الساعة تحول الخلافات العالقة في القضاء بين البلدية والمختار دون إنجاز لائحة بالعقارات، التي تعود إلى الدولة، مع أن محافظ النبطية السابق طلب إلى البلديات والمختارين تنظيم علم وخبر بكلّ المشاعات التي تعود ملكيتها إلى البلدية أو إلى الجمهورية اللبنانية.
عيتا نموذج عن الفساد، الذي يحصل في المسح العقاري، المسح الذي لم ينجز منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، علمًا أن مدة التلزيم سنة واحدة قبل اختتام أعمال المساحة وفق دفتر الشروط. خمسة عشر عامًا والسلطة المحلية في عيتا كما في معظم قرى الجنوب، لم تتمكن من مسح عقارتها وتثبيت حقوق المالكين، في حين أن القضاء والإدارات المعنية لم تتمكن من ردع المعتدين، الذين يتربّصون بأملاك الدولة وأملاك المواطنين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأكثر قراءة