من أساليب الاحتيال التي اعتمدها المعتدون على أملاك الدولة في قرى الجنوب، شراء عقارات ملاصقة لعقارات مشاعية تعود ملكيتها إلى الدولة اللبنانية، وتزوير الملكية وجعلها باسم شخص آخر، بعد تنظيم علم وخبر موقّع من مختار البلدة يعلن فيه اسم الجهة، التي تملّكت العقار، بوضع اليد الهادئ والعلني منذ أكثر من عشر سنوات. وأكثر المتاح لهم فرصة تنفيذ هذه المهمة المختارون، الذين يملكون صلاحية التوقيع.
ومختار بلدة شقراء الجنوبية السابق حسن سلمان خير مثال على ما فعل هؤلاء، وهو الذي أوقفته النيابة العامة المالية بجرم التزوير واستعمال المزوّر، بعدما ادّعت عليه وأحالته إلى قاضي التحقيق في النبطية، الذي أوقفه ثلاثة أشهر على ذمة التحقيق قبل أن يخلي سبيله ويصدر قراره الظني. وجرمه تزوير علم وخبر استملك بواسطته عقارًا تحدّه أراضٍ مشاع، ثم اعتدى على عقار للدولة وعلى عقار خاص بالتلاعب بالمسند وإعادة تصديقه والتأشير عليه.
هذا الملف واحد من ملفات تعديات عديدة ارتكبها المختار سلمان المنتخب بأصواب مناصري حزب الله، قبل أن يفصله الحزب نفسه ويمنع ترشيحه لهذه الأسباب.
قبل انتهاء أعمال التحديد والتحرير في بلدة شقرا الجنوبية قضاء بنت جبيل، ومع أن جزءًا من أراضي البلدة لم تنته أعمال المساحة فيه بسبب خلاف على ملكية منطقة عقارية بين بلديتي شقراء ودوبيه من جهة وميس الجبل من جهة نانية، فإن البيانات الرسمية في المحكمة العقارية تظهر تسجيل تسعة وستين عقاراً باسم مختار البلدة السابق حسن سلمان. ومن بين هذه العقارات العقار رقم ألف المسمّى جبل شمعون، وهو عقار تبيّن أن له بيانين بالعلم والخبر منظّمين من سلمان نفسه،
الأول تبلغ المِساحة المسجلة فيه ١٠٨٠٠٠متر مربع. أما الثاني فمساحته ١٢٠٠٠٠ ويحملان التواقيع والتفاصيل الأخرى نفسها باسثناء اسم مالك العقار الذي يحده من الجهة الغربية، أي زيد على مِساحة العقار ١٢٠٠٠ متر مربع وتغيرت حدوده في العلم والخبر الثاني (مرفق مستند)
تزوير واضح بهدف مصادرة هذه المساحة، إلا أن أساس العقار مصادَر من أملاك الآخرين، وهو ما يظهر في الدعوى التي رفعها بهذا الخصوص أحد أبناء البلدة المدعو عبدالله عواضة مقدّمًا اعترضًا واضحًا مرفقًا بحجج بلدية تثبت أقواله، وسُجل الاعتراض على الصحيفة العقارية (مرفق مستند).
إلا أن مواجهة هذه التعديات والتوجّه إلى القضاء، لم تمنعا المختار حسن سلمان من بيع هذا العقار المتنازع عليه بستمائة وخمسين ألف دولار لسعيد علي أحمد وفق ما يظهر عقد البيع المنظم فور بداية المسح العقاري للبلدة عام ٢٠١٠، ما يؤكد النية الجرمية، التي تلتها بيوعات مختلفة وتعديات متعددة أفضت إلى تملّكه تسعة وستين عقارًا في بلدته التي كان له فيها محلّ للسمانة، إضافة إلى كونه مختارًا هناك.
كذلك وبحسب عقد بيع منظم لدى كاتب العدل، يتبين أن سلمان وبعد مسح عدد من العقارت لمصلحته، أقدم على بيع نحو ثلاثين عقارًا في عقد واحد لمصلحة فريد ونبيل حرب من مدينة بنت جبيل.
واللافت في العقد أنه لا يتصمّن ثمن العقارات، ولا بيانًا لمساحاتها وحدودها، واقتصر الأمر على تعدادها والتنازل عنها، وهو ما يشير إلى أن عملية تهريب للعقارات جرت بغية تملّكها بطريقة غير شرعية. (مرفق مستند)
ومن بين المخالفات الفاضحة المرتكبة بحقّ عقارات الدولة اللبنانية أيضاً، التي ذيّلت بتواقيع المختار السابق حسن سلمان، إقدامه على بيع عقار في منطقة بيلون بمساحة خمسة وعشرين ألف متر مربع لمصلحة شخص من آل العلي، وتنظيمه بيعًا يعود إلى عام 2006 . ليقدم العلي على بيع العقار عام ٢٠١٢ لمحمد قاسم حجيج بمساحة ٢٥٠٠٠ متر مربع، لكنه ليس البيع الوحيد للعقار، إذ برز خمسة عقود بيع باسم ابنته لينا محمد قاسم حجيج، للعقار نفسه نظّمها العلي عام ٢٠١٤ في تاريخ سابق وقسّم العقار خمسة عقارات، وهي محاولة للتهرّب من خسارة القسم المجاني، الذي يعود إلى الدولة، أو ما يسمى الربع المجاني في حال فاقت مساحة العقار عشرة آلاف متر.
إلا أن كل هذة البيوعات الوهمية لم تفلح في إخفاء الحقيقة، إذ إنه وفي أثناء استكمال المسح عام ٢٠١٨ برزت حجج قديمة توثّق أن العقار أراضٍ مشاع و البيوعات المشتبه فيها ظهرت.
ارتكابات وتعديات وسرقات للأراضي بدأت في مستهل عملية المسح عام ٢٠٠٨، مسح كان يفترض أن ينتهي في مدة أقصاها عام فقط، لكنّ جشع القيمين على المسح وفسادهم الأخلاقي تسبّبا باعتراضات وخلافات كثيرة لا تزال عالقة في الدوائر العقارية منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا، ولا يزال حسن سلمان وأمثاله يسرحون ويمرحون ويتنعّمون بأموال وأراضٍ سرقت من الدولة أو من أبناء بلداتهم.