الشاعرة والكاتبة والمغتربة اللبنانية سيليا حماده: أنتظر صحوة الناس ورفضهم لهذا التهميش والاذلال والارتهان والتبعية

خاص | باميلا فاخوري | Sunday, September 5, 2021 5:14:00 PM

شاعرة، كاتبة، عاملة في العلاقات العامة والتسويق والإعلان فضلًا عن كونها عملت في مجال الترجمة وربة أسرة. امرأةٌ متعددة الأبعاد والأهواء، طبعت كلّ مجالٍ ألمّت به بجدارتها واجتهادها، لتكون بذلك لبنانية مغتربة نموذجية ومصدر إلهامٍ للعديد من النساء اللبنانيات. هي سيليا قرضاب حماده التي درس النقاد أشعارها.

وفي حديثها لموقع DiasporaOn رأت حماده أنّ "الهجرة أو البعد عن لبنان لم تكن يومًا في بالي ، لكن الحرب الأهلية كانت وراء القرار". لافتةً إلى أنها تخرجت من الجامعة الأميركية في بيروت إبان الحرب وتزوجت مباشرة بعد التخرج وانتقلت مع زوجها الى المملكة العربية السعودية حيث عمله هو الذي تخرج أيضًا من الجامعة عينها وسافر بسبب ظروف العمل في لبنان حينها .

وردًا على سؤال حول مستقبل الكتابة أجابت حماده أنّ "الكتابة تستمر كما تستمر اللغة كوسيلة للتخاطب بين البشر، وكما تستمر الفنون ومنها الموسيقى. قد تتغير منابر التعبير وتتغير بعض المواضيع لتتبع التكنولوجيا ومتطلبات العصر ، لكن الكتابة تبقى الرغبة في التعبير عن مكنونات النفس البشرية سواء عن طريق الشعر أو الأدب أو الرواية كما في شتى المجالات كالصحافة ومختلف العلوم الانسانية".
وأضافت: "أعتقد أن ما يقلق أكثر هو نسبة القراء ومستقبل القراءة خاصة في محيطنا".

وعن إمكانية أن تكون الكتابة مهنة والحدود الفاصلة بين الهواية والمهنة، أوضحت حماده أنّ "الكتابة بالنسبة لي هي شغف سواء كانت شعرًا أو نثرًا أو مقالاً".

وأضافت: "يمكن للكتابة أن تكون مهنة حين تتعلق بالصحافة أو الأبحاث أو كتابة الدراسات التاريخية، العلمية أو الأكاديمية وسواها".

ورأت أنه عند العمل بحب وشغف "تندمج الهواية بالمهنة مهما كانت هوايتنا أو مهنتنا. ولكن في حالة الكتابة الصحافية أو المهنية لا بد أن تخضع الكتابة لقيود من الجهة المسؤولة لذلك تتغلب هنا المهنة على حرية الهواية".

وتابعت: "أما حول الكتابة في المجالات الأدبية كالشعر والرواية وسواها فان بعض دور النشر المتخصصة في الغرب تدفع أجرًا مقدما للكاتب المبدع لكي يكتب و ينتج وهنا تندمج المهنة بالهواية لصالح حرية الكاتب في التعبير. أما في عالمنا فالحال مختلف ، لا أعرف عندنا كاتبًا يعيش من إنتاجه الأدبي".

وفي ما خصّ المعوقات التي تحول دون أن تحصد المرأة اللبنانية ثقة الشعب لتكون رئيسة للجمهورية مثلا و دور الكاتبات خاصة في الاضاءة على ها الموضوع، قالت: " أعتقد انها بالدرجة الأولى ذات المعوقات التي تحول دون وصول أي رجل يتمتع بالكفاءة المطلوبة من خارج الاطار التقليدي للنظام الطائفي اللبناني وخارج سلطة الزعامات التقليدية . لكن لا شك أن عدم وصول أصوات نسائية فاعلة الى البرلمان أولا هو أن صوت المرأة بقي خافتًا لمدة طويلة للمطالبة بالمساواة وبالكوتا النسائية كخطوة أولى وكذلك بسبب عدم الانخراط بالعمل السياسي الجدي".

وأكملت: "شخصيًا على الرغم من كوني مغتربة ومقيمة خارج لبنان رفعت صوتي دائما عبر مقالاتي المنشور معظمها في جريدة النهار الدولية وأبرزها: "يا نساء لبنان تكلمن ولاقينن الىى البرلمان في 25 أيلول " عام 2007. وكان المقال حينها دعوة للنساء لرفع الصوت والمشاركة في صنع القرار وعدم ترك الساحة فقط لأصوات الرجال، وهن نصف الأصوات ونصف المجتمع . وحثثتهن على دعوة النواب لفتح المجلس حينها والقيام بواجبهم وانتخاب رئيس للجمهورية . وطالبت في مقال آخر بعنوان الكوتا المرأة اللبنانية علم 2010 ، بتطبيق الكوتا كخطوة اولى اساسية، حين كان السجال دائرًا بين معارض ومؤيد للكوتا . وفي عام 2016 ، وقبل تشكيل حكومة الرئيس الحريري التي جاءت فيها بأول وزيرة للداخلية، طالبت بمقاعد وزارية للمرأة في مقال بعنوان "الى سادة القرار أين حقيبتي " . وكنت دائما ناشطة عبر مقالاتي العديدة أو من خلال منشوراتي على مواقع التواصل في التوعية لحقوق المرأة والمواطن بشكل عام في شتى المجالات".

وعادت وأكدت أن "لا شيء يمنع المرأة التي تتمتع بالكفاءة المطلوبة من تبوأ أعلى المناصب اذا لاقت الدعم المطلوب من المجتمع والنساء خاصة، على ان تتغير القوانين التي تنصف النساء والرجال ايضا وتمنحهم فرص متساوية للوصول الى اي منصب".

 

وردًا على سؤال حول أيٍّ من المجالات أو المهن هو الأحب على قلبها اجابت: "عملت في عدة مجالات منها في البدايات الترجمة الدبلوماسية وكان العمل ممتعًا .عملت في الدعاية والاعلان والتسويق والعلاقات العامة وكانت الشركة التي كنت مديرتها اول وكالة دعاية واعلان في الخليج طاقمها الكلي من النساء وكانت خطوة رائدة في هذا المجال حينها بالتعاضد مع وكالة دولية . ولكن للأسف اضطررنا الى وقف العمل بعد حوالي ثلاث سنوات بسبب بعض القيود وبسبب ظروف عمل النساء. ولكنني عملت بعد ذلك مع شركات عالمية كاستشارية علاقات عامة وتسويق ، إحداها ساتشي اند ساتشي . وكذلك كمديرة مشروع يتعلق ببرنامج علاقات عامة ساهمت باعداده وتنفيذه مع أحد المصارف، المصارف الرائدة في الرياض ( سامبا)" .

وأردفت: "أحببت هذا المجال لأنه يتيح ابتكار الأفكار الجديدة والكتابة الابداعية أيضا. وتبقى الكتابة شغفي وهوايتي".

وعن الصعوبات التي واجهتها في ظل القيود على عمل المرأة في بدايات فترة عملها في السعودية لفتت حماده إلى أنّ بداية عملها مع السفارة البريطانية كان ممتعًا وضمن أجواء طبيعية، مع مراعاة كونها أمًّا بالنسبة لساعات العمل أو الموافقة على الاجازات غير المدفوعة حين تدعو الحاجة. وأضافت: "بشكل عام لم يكن العمل سهلا كوني أم ولكنني كنت شغوفة بالعمل دومًا ومستعدة لتحمل التضحيات خاصة في ظل القيود على عمل المرأة في مجالات كانت جديدة وشبه محظوة حين خضت غمارها. ولكن الحق يقال أنني لم ألق سوى كل التقدير والاحترام والدعم في تنفيذ حملات دعائية او تسويقية للمؤسسات الخاصة التي تعاملت معها. وقد اتاحت لي تلك الاعمال التعرف إلى السوق السعودي".


وعن الاضافة التي تمنحها اياها الكتابة، قالت حماده: "لا أدري اذا كانت الكتابة تضيف لي شيئا أم أنني أضيف لها من ذاتي وفكري مشاعري في التعبير عن ذاتي.
وفي مقدمة كتابي "رسائل الى آدم " كتبت هذه الأبيات:
"أعلم أن الكتابة تعشقني كما أعشقها، يفضحها بريق عيوني بعد كل فعل كتابة"، لكن الكتابة هي حتما صلة الوصل بيني وبين القارئ وبوابة دخول مجالات متنوعة والتعرف بأناس كثيرين . أضافة الى الأضواء الاعلامية التي سلطت الضوء علي انتاجي وشخصيتي . وربما تضيف الكتابة للصورة التي يكونها القارئ عني علما انني لم أكتب يوما لابهار أحد أو رغبة باي اضافة معنوية" .

سياسيًّا، أسفت حماده للواقع السياسي معتبرةً أنّ "الواقع الاقتصادي اليوم مخجل ومحزن . وهو نتيجة صمت الشعب طويلا عن أبسط حقوقه، ونتيجة سياسات داخلية وتداخلات اقليمية دولية كان لبنان ولا يزال رهينة لها .اضافة الى الحروب والأحداث الأمنية وأزمات اللجوء التي ايضا تصب في ذات الآطار ".

أما عن انتظار الأسوأ، فقالت: "لا أدري ما هو الأسوأ من اذلال الناس في أبسط مقومات عيشهم الكريم من غذاء ودواء وماء وكهرباء الخ... اضافة الى الحجز على أموالهم بعد كل المعاناة التي مروا بها من حروب وتفجيرات.
وما هو الأسوأ لأي وطن من خسارة طاقاته الفكرية والعملية وتهجير شبابه بسبب ضيق العيش ".

وختمت: "لا أفكر بمستقبل أسوأ، بل أنتظر صحوة الناس ورفضهم لهذا التهميش والاذلال والارتهان والتبعية، مع ضرورة المطالبة بالالتزام بالمواثيق الدولية لتجنيب لبنان تداعيات قد تؤثر على مصيره ككيان مستقل . أحثهم أيضا على اختيار ممثليهم بوعي في المرة المقبلة واعطاء الفرص لوجوه شابة وطنية جديدة والمطالبة بتغييرات تلغي الطائفية السياسية نحو مجتمع علماتي يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات وكذلك في فرص العمل وفي خمة الوطن .
وأبقى أحلم بوطن لا أشعر فيه بالغربة أكثر من شعوري بالاغتراب، وقد عبرت عن شعوري هذا وشعور العديد من المغتربين عام 2008 في قصيدتي "الوطن الصعب" المنشورة في كتابي "امراة كل العصور "، وأقول في مطلع أبياتها:

"ما أصعب أن يكون لك وطن يسكنك
وصعب عليك أن تسكن فيه
وطن تنتمي اليه في البعد
وفي القرب تبقى كغريب
وطن عائلاته شردت
وزعت على كل المطارات
وطن يكبر بك حين تغيب
ولا يحضنك وانت قريب"

الأكثر قراءة