بالمستدات... هكذا أُبرمت عقود الاستشارات في هيئة إدارة قطاع البترول لمصلحةِ أربعة وعشرين متعاقداً من دون إنجاز دورة التراخيص منذ عام 2019!

خاص | diasporaOn | Friday, September 24, 2021 12:07:00 PM

قبل البدء باستخراج النفط المنتظر من المياه الإقليمية اللبنانية، وقبل بدء الدولة اللبنانية بيعه في السوق العالمي فاض هذا القطاع بأموال طائلة على الموظّفين والمتعاقدين في هيئة إدارة قطاع البترول بفضل تسويات مقنّعة بغطاء قانوني وبإجماع حكومي.

وعلى الرّغم من عدم موافقة وزير المال السابق غازي وزني على تجديد عقود شراء الخدمات والدروس الموقّتة مع هيئة إدارة قطاع البترول بقيمة تفوق مليار ليرة يستفيد منها نحو أربعة وعشرين متعاقدًا، إلا أنّ الهيئة فازت بموافقة استثنائية من رئاستي الجمهورية والحكومة.
وزير المال وفي كتابه الموجّه إلى رئاسة مجلس الوزراء الذي يتناول فيه طلب وزارة الطاقة تجديد العقود رفض مخالفة المادة الثمانين من قانون موازنة عام ألفين وتسعة عشر، التي نصّت بوضوح على توقّف جميع أشكال التوظيف والتعاقد في الإدارات العامة بمختلف التسميات، إلا أن وزير الطاقة السابق ريمون غجر رفع كتاب هيئة قطاع البترول إلى مقام مجلس الوزراء، آملاً الموافقة على تجديد العقود، والموافقة على مبدأ التعاقد البديل للضرورة القصوى، وضماناً لاستمرارية تسيير المرفق العام. وكان للوزير والهيئة ما أراداه وحصلا على الموافقة الاستثنائية.
وفي التفاصيل، تتعاقد هيئة إدارة قطاع البترول مع أربعة وعشرين شخصاً خلافاً للأصول المنصوص عليها في المرسوم رقم ١٠١٨٣ تاريخ ١٩٩٧/٥/٢ المعدّل بموجب المرسومين رقم٢٠١٠/٣٨٨٠ و ٢٠٠٠/٣١٩٤ (تحديد أصول التعاقد وأحكامه المنصوص عليه في المادة السابعة والثمانين من نظام الموظفين)، وتغطّى المخالفة بفتوى من النيابة العامة لديوان المحاسبة، لا تجد ما يبرّرها في القوانين والأنظمة النافذة.
وبحسب أحكام الفقرة السادسة، من المادة الثانية من المرسوم رقم ١٠١٨٣ المذكور يجب أن يتمّ التعاقد بنتيجة مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية، وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء.
مخالفة هيئة إدارة قطاع البترول للأصول المفروضة للتعاقد المذكورة آنفاً تمثّلت في أنها تعاقدت مع أربعة وعشرين شخصاً من دون إجراء مباراة لهذه الغاية، عبر مجلس الخدمة المدنية، وبرواتب ليس لها ما يوازيها في سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بالقطاع عام، وهذه الرواتب تتفارت بين أربعة وعشرين مليوناً وثمانية وثمانين مليون ليرة لبنانية لكلِّ شخص.
تبرّر هيئة إدارة قطاع البترول عملها هذا بأنها حصلت على موافقة من النيابة العامة لديوان المحاسبة سارت بموجبها في التعاقد، فيما يوجب القانون نفسه على النيابة العامة لديوان المحاسبة العمل لاستصدار القرار اللازم لإلغاء كلّ تعاقد مخالف، وهي ليست المرجع الصالح لإعطاء أيّ موافقة على التعاقد مع أفراد.
بالعودة إلى قرار مجلس الوزراء،ِ نجده ينصّ بوضوح على أن تجديد هذه العقود هو من صلاحية وزير الطاقة، إلا أنّه حرص على تأمين قرار شامل منه يتضمّن استمرارية مرفق عام. ما يعني أنها تسوية سياسية احتاجت الى إجماع سياسي لتنجز من دون أن يحمل صاحب الصلاحية المسؤولية منفردًا، وهي سياسة تعتمدها الطبقة السياسية للسير في المخالفة من دون توريط مخالف وحده.
القرار الاستثنائيّ ينصّ في ختامه على تجديد التعاقد أحد عشر شهرًا، على أن يصار إلى الانتهاء من وضع النظام التشغيليّ للهيئة في مدة أقصاها شهر من تاريخه. ولكن، لا داعي إلى انتظار انقضاء الشهر، فالهيئة نفسها حصلت عن تمديد للعقود عام أالفين وعشرين، ومن الحكومة نفسها مع مدة ثلاثة أشهر لوضع النظام التشغيليّ نفسه، لكنّه منذ عام ألفين وتسعة عشر لم ينجز، والعقود تمدّد على قاعدة "مرقلّي تمرقلك" .
وهذا مؤشّر واضح إلى متابعة النهج المعتمد في التوظيفات المخالفة للأصول والقوانين، واعتماد الاستنسابية بعيدًا من أيّ اعتبار. إلا أنّ العبرة تبقى في الخواتيم، وإن كانت الدولة بعد كلّ هذه النفقات الاستشارية ستنجز دفتر شروط خاصاً بدورات التراخيص في المياه البحرية، أم ستمدّد المهل مرّة أخرى، ومعها العقود الاستشارية؟

الأكثر قراءة