موحشة هي الغربة، ومتعبة في بعدها عن الأهل والوطن، من الصعب التأقلم فيها، وفي الوقت نفسه مجبرون على التعلّق بها، لانها باتت الأمل الوحيد للشباب اللبناني لإيجاد العمل وشقّ طريق المستقبل، وتحصيل المال، ولو وجدت هذه الأسباب كلها، لما ترك المغترب أرضه وهاجر إلى بلدان العالم باحثاً عن وطن بديل يحترم الإنسان وحقوقه وأحلامه وعمله.
بات الشاب اللبناني يفكر بالسفر منذ اللحظة الأولى التي يدخل فيها سن الرشد، وذلك بسبب رؤيته للبطالة والأزمات الإقتصادية والمعيشية وحتى التعليمية في لبنان، فلم يعد هناك ما يشجعه على البقاء، ولم يعد هناك شيء للتضحية من أجله، ويرى بعض الشبان أن كل دقيقة تمر عليهم دون استغلالها بالسفر هي خسارة من عمرهم، إذ يعتبرون أن البقاء في لبنان هو مجرد مضيعة للوقت، فلا فرص عمل ولا تعليم ولا مال ولا شيء يشجعهم على شق طريقهم بين جبل من الأزمات التي يصعب حلها.
الشاب اللبناني ناصر عيسى، أنهى دراسته الجامعيّة، وانتظر السفر بعد أن أصابه الملل من البحث عن العمل هنا، إلى أن أتت فرصة السفر إلى غانا، ضمن عرض عمل مميز يفتح أفق التطور للمستقبل، لم يتردد وقرر خوض التجربة.
موقع Diaspora on تواصل مع المغترب ناصر، الذي لفت إلى أن " بعد الصبر أتى الفرج، فبعد سنة كاملة من البحث عن عمل في لبنان دون جدوى، وجدت نفسي مغترباً أعمل في شركة تجارية تفتح لي أفق التطور المالي والفكري، وتساعدني على شق طريقي نحو المستقبل، وكل هذا بعد أن ذقنا لوعة الأزمة في لبنان التي ضربة كل القطاعات في البلد وبدأت بتبديد حلم الشباب الصاعد".
وأشار إلى أن " في لبنان فاجأت الأزمة جيل الشباب الذي شعر أن شهادته أصبحت بلا فائدة، وعمله لا يؤمن له قوت منزله، والبلد يذهب إلى الدمار بسبب زمرة سياسية نهبت أمال الشعب والوطن، لذلك، كي لا يضيع أيام من عمر الشباب أدعوهم للسفر والبدء بالسير على طريق المستقبل إلى حين تغير الوضع في لبنان، لأن بقاء الشباب في البلد في ظل ما يحصل، سيجعلهم يخسرون أيامهم وعلمهم وعمرهم الصغير الذي يساعدهم على العطاء في العمل".
وأضاف: " تأقلمت مع الحياة وبيئتها وطبيعتها هنا، وفي الوقت ذاته بدأت اجني المال وأساعد أهلي على الخروج من نفق مقاومة الأزمة، والحياة هنا من ناحية العمل ونظامه وتطوره أفضل بكثير من لبنان، وهذا يساعدني على التطور بشكل أسرع".
وأردف: " السفر يحتاج مشقة وتعب، لكن الشيء الجميل فيه هو أن المغترب يحصل على حقوقه بعد التعب، على عكس لبنان، فلا يوجد هنا من يسيطر على مال المغترب أو يخفي مال المودع أو يصدر بيانات تضرب مصلحة الشعب، فهنا حقوقنا مقدسة نتلقاها لقاء تقديم الجهد والتعب".